مختار العيرج
تسير
اللعبة السياسية في الرشيدية اليوم لتكون أشبه بجلسة محاكمة، فيها المحامي الذي
يجهد نفسه للدفاع عن زبونه، و الوكيل الذي يرى فيه مذنبا يجب جلده و معاقبته .. في
تجمع بنكيران الجماهيري بالرشيدية كان هو المحامي، رافع لرفع شأن حزبه و أداء
حكومته، و بخس المعارضة بالتلميح و التصريح و سعى لاقناع المواطن / الناخب
بلافائدتها و حذر من الإنسياق وراء طروحاتها .
و في تجمع شباط بنفس الساحة و أمام حشد جماهيري يشابه في الحجم تجمع
بنكيران، تقمص الامين العام لحزب الإستقلال شخصية الوكيل العام، كال التهم الثقيلة
و الوازنة في حق رئيس الحكومة و أداء حكومته الذي انتقده بمرارة و تجاوز ذلك للكشف
عن بطلي " قصة الحب الحكومية " التي كانت حتى ذلك الوقت لغزا و شفرة غير
محلولة .
و يتضح اليوم أن المنافسة ستكون على أشدها بين الحزبين في الرشيدية المدينة
و الإقليم ومن ثمة الجهة برمتها، لكن يبدو تركيز التنظيمين على بلدية الرشيدية،
وبموازاة ذلك يتضح ان الناخب في هذه الظروف صار يهتم بمكونات اللائحة الإنتخابية
في نفس درجة اهتمامه بالبرنامج الحزبي، و يضع في اعتباره متزعم اللائحة و الرقم 1
فيها، و اذا كان المواطن بامكانه اليوم أن يخمن الشخص المعني في حزب الإستقلال فإن
هذا الامر مازال " عصيا " في لائحة المصباح، هل سيعيد حزب العدالة و
التنمية الرئيس الحالي كوكيل للائحته ام سيغيره، و هل القرار بيد المناضلين رغم ما
يقال عن الديمقراطية الداخلية في هذا التنظيم، أم أن القيادة ستنتقي من تراه
مناسبا ؟
في انتظار أن " تبدي لك الأيام ما كنت جاهلا " ظل تشكيل المكاتب
في بلدية الرشيدية يعتمد أساسا على التحالفات على اعتبار أن الخريطة السياسية في
كل الإستحقاقات منذ عدة ولايات " مبلقنة " و لا مفر من اعتماد الحزب
" الكبير " على حزب " صغير "، و هو أمر يبدو ألا مفر منه في
المحطة المقبلة، و ظل هذا المكمل الصغير، لتهافت " الكبار " عليه
يكتسب أهمية قصوى، بل إن بعض المتمرسين في اللعبة الإنتخابية في الرشيدية يرفضون
الإنضمام للتنظيمات الكبيرة رغم الإغراءات الممنوحة لهم في الترتيب و أشياء أخرى،
و ظلوا يوثرون " لعبة المكمل " لأنها تمنحهم سلطة استثنائية داخل المكتب
و المجلس البلدي، فمنهم يكون النائب الاول و قد يحظى كل أعضاء اللائحة أحيانا بصفة
نواب، و في الغالب لا يتجاوز عددهم الثلاثة.. و يبدو أن العديد من المنتخبين صار
واعيا بهذا الامر و توسعت اليوم دائرة المراهنين على " المكمل " رغم ما
شهدته الولاية السابقة من انضمام مستشاري " الحمامة " و قسم كبير من
مستشاري " الجرار " لأغلبية العدالة و التنمية، إذ قلص ذلك من مساحة ا لمناورة
لدى " المكمل " صاحب الفضل و هم مستشارو " الكتاب " و ظلت
العلاقة بين الطرفين في مد و جزر و تدخلت قيادة المصباح مرارا لإصلاح ذات البين .
عود على بدء : إن التنافس سيكون محتدما بين العدالة و التنمية و حزب
الإستقلال في الإنتخابات الجماعية المقبلة ببلدية الرشيدية، هذا شيء بديهي، و
البديهي الثاني هو أن لا أحد من الحزبين سينال الإغلبية المطلقة و لا مندوحة من
التحالفات، و بما أن " التكميل " صار مراهنة يراهن عليها بعض المراهنين
من متقني لعبة " الصناديق " فإن السؤال المحير و الذي قد يكون أحد
المخارج الممكنة : هل سيسلم حزب " كبير " مقاليد الرئاسة لحزب صغير
صاغرا طائعا و مرغما ؟ أم سيتحالف " العدوان "و تتكون الأغلبية من العدالة و التنمية و حزب الإستقلال رغم المعارك الطاحنة و التلاسنات الحادة، و
لعبة كشف العورات المتبادلة، و ما الأهون تسليم الرئاسة لزعيم حزب صغير أم
اقتسام الكعكة بين الحزبين الكبيرين رغم ما في ذلك من آثار سلبية على نفسية
الناخبين ؟
عودتنا الأحزاب المغربية أن خطوطها الحمر في التحالفات، قد تصبح بلون آخر معاكس، و أن " الرأس الذي
لا يدور كدية "..و رؤسهم قد تدور في كل الإتجاهات الممكنة و المستحلة، فمن
المعلوم ان رأس الإنسان لا يدور إلى الخلف إلا إذا دار بكل بدنه بخلاف الإتجاهات
الأخرى.. لكن في سياسة أحزابنا، فهذا الامر المستحيل يصير ممكنا .
No comments:
Post a Comment