مع استفحال ظاهرة الغش
في المدرسة المغربية، لجأت وزارة التربية الوطنية منذ السنة الفارطة لتشديد
الحراسة على المرشحين لاجتياز الباكالوريا، لكن ظلت هذه العملية في حدود ما تسمح
به القدرات البشرية، و لم يتمكن الحراس من الحد من " الغش الإلكتروني " لاسيما
و ان بعض التلاميذ و التلميذات يخفون الهواتف في مناطق جسمانية يتحرج المرء من
تفتيشها خشية تطور الامور لقضايا لم تكن في الحسبان .
ظل الأساتذة عرضة للأخطار، و تفاقمت في السنوات الأخيرة الإعتداءات عليهم و وصلت إلى سلامتهم الجسمانية.. وفي ظروف الإمتحانات يزداد استهدافهم و يكونون بين نارين : ممتحن ( بفتح الحاء ) يعتبر الغش " مكسبا " لا يسمح بالمساس به، و مراقبين يحملونه ما لا طاقة له به، فيزداد التوتر و الضغط و يصبح الامر لا يطاق حين يكون الحارس رجلا في خريف العمر وهم اليوم نسبة كبير في القطاع، أو تكون امرأة في ظروف معينة ..
و على الرغم من ان
الوزارة تفكر هذه السنة في تزويد مراكز الإمتحانات بمعدات إلكترونية تكشف أماكن
الهواتف النقالة، و هو ما يعد ظاهريا شكلا فعالا، لكنه بالنسبة لرجال التعليم ينطوي على مخاطر إضافية، فالكشف عن ذلك قد يعني مواجهة مباشرة مع المعني، فماذا وفرت الوزارة من حماية لأطرها ؟ و هل ستتركهم كما هي عادتها في مواجهة المجهول بأنفسهم داخل مراكز الإمتحانات و خارجها .
إن محاربة الغش و نشر قيم العمل و الإعتماد على النفس ظل رجال التعليم منذ أمد بعيد ينبهون لمزايا ذلك على الفرد و المجتمع، و ظلوا يدبجون التقارير الرافضة لإنجاح التلاميذ بدون معدل 5/10 او 10/20، لكن المسؤولين لم يكترثوا لصيحاتهم و جربوا في كل مرة نظاما، بعد هدر أموال طائلة، تحت مسميات مختلفة و متعددة.. و بعد الفشل الذريع يكون رجل التعليم هو " منديل المطاعم " الذي تمسح فيه الأيادي .
إن محاربة الغش عملية بنيوية تهم المجتمع ككل، فالغش ليحارب في المدرسة يجب ان يحارب في المقاولة و الإدارة و الإنتخابات ...في عهد وزير الداخلية البصري، و حين اكتشف تسريب الأسئلة في كلية الطب تحركت وزارته بشكل غير مألوف لكن أحد الظرفاء ذكره : كيف لا تريدون طبيبا مزورا و تقبلون ببرلمانيا مزيفا ؟
No comments:
Post a Comment